السماوة/مريم الفرطوسي
ما حملتة البيئة من تغيرات مناخية في السنوات الاخيرة انعكس سلباً على المجتمع العراقي، و النساء هن المتضرر الاكبر من تلك التغيرات فالكوارث اسست لحالات عنف،و شحة المياه زادت معاناة الفلاحات، وبعضها اثر بعمليات الانجاب الصحية وحتى الاجتماعية.
ام علي ارملة في الخمسين من عمرها تعيل خمسة بنات ورثت ارض زراعية صغيرة من زوجها المتوفي تزرع فيها الخضروات وتربي الدجاج والمواشي لتوفر قوت بناتها، تذهب يومياً سيرا على قدميها مسافة كيلو متر لجلب الماء من النهر على رأسها تقول ام علي كنت قد حفرت بئرا صغيرا داخل ارضي لسحب ماء الشرب واحمل ما استطيع حمله على رأسي لتشرب الاغنام والدجاج وكذلك تترك لي جارتي خرطوم الماء لسقي الزرع.
فجأة جف النهر الصغير والبئر اصبح فارغاً مما اضطر جارتي للاقتصاد بكميات المياه بعد الجفاف لتوفره لسقي مزروعاتها
دفعني الامر الى بيع الاغنام واحتفظت فقط بالدجاج لكونه يوفر البيض لبناتي كذلك حاولت حفر بئر اخر دون جدوى ومثل نساء القرية بدأت اشتري الماء للشرب والطهي اهملت ارضي ومات الزرع الذي كان يعينني في توفير احتياجات بناتي لم يقتصر الامر على جفاف النهر والبئر وشحة المياه بل تعدى ذلك الى العواصف الغبارية التي حدت من حركتنا بسبب الامراض التنفسية التي نعانيها من ربو وحساسية ولم نلمس اي اهتمام من اي جهة حكومية.
الكوارث تصنع العنف
تقول الدكتورة نور ساجد رئيس مؤسسة أليس لحقوق المرأة والطفل ان من الاثار السلبية لتغير المناخ هي تفاقم العنف الجسدي والنفسي والاقتصادي ضد النساء بالتوازي مع نقص الامكانيات اللازمة لحمايتهن من العنف كما ان الكوارث تجعل المجتمعات تحاول التكيف عبر ممارسات عنيفة ضد المرأة.
واقترحت ساجد تمكين النساء من اجل التأهب للكوارث وتوفير وسائل بديلة لكسب العيش لمواجهة الازمات المناخية وسن عقوبات رادعة لفرض احترام النساء والفتيات وحمايتهن حيث ان هناك الكثير من الفتيات لاتتمكن من اكمال التعليم بسبب التغيرات المناخية كذلك يزداد زواج القاصرات الذي يعد وسيلة من وجهة نظر الابوين لتأمين الاموال وتعويض الخسائر التي تكبدتها الاسر المهمشة بسبب الكوارث المرتبطة بالتغير المناخي مثل الجفاف والفيضانات المتكررة والعواصف الشديدة
واشارت الى ان تغير المناخ كان سبب في تخلف الكثير من الفتيات عن الدراسة او عدم الانتظام فيها مما يضاعف الفجوة بين الجنسين في المساواة وفي التعليم وتمكين النساء من الوظائف والعمل المناسب لاحقا مما يعرضهن للتهميش والفقر.
مخاض اشبه بموت
سلمى فتاة في ال ١٦ من عمرها متزوجة من ابن عمها زواج خارج المحكمة، ولدى اقتراب ولادتها اخذتها والدتها الى قابلة غير مأذونة في القرية بسبب الجو العاصف ليلة مخاضها ولم تتمكن من توليدها بصورة صحية بل عرضت الجنين للوفاة وسلمى لمضاعفات شديدة نقلت على اثرها الى المستشفى وتم انقاذها من موت محقق.
تقول الدكتورة هيفاء ناجي ان الاثار السلبية للتغيرات المناخية تطال الخدمات الاولية المقدمة للنساء والفتيات مثل الصحية والانجابية والتعليم والحماية الاجتماعية والاستجابة للعنف القائم على النوع الاجتماعي حيث تتعطل هذه الخدمات بسبب الكوارث المناخية غير المتوقعة كما انه في اوقات الجفاف وقلة المياه تكون النساء اكثر عرضة لجرائم العنف الجنسي واجبارهن على السير لمسافاة طويلة لاحضار المياه كما تتسبب ندرة المياه في بعض المناطق بأصابة النساء بمشكلات صحية
ان التغيرات المناخية تؤثر على الجميع لكنها تؤثر بشكل اكبر على الفئات المهمشة ومنها النساء اللاتي يعانن بالاساس من عدم المساواة لذا يجب ان تتضمن التشريعات والسياسات بنودا اساسية تهتم بحمايتهن حيث ان النساء تمثل النسبة الاكبر من العمالة الزراعية مع التأثير الكبير للتغير المناخي على الزراعة وان كثيرا منهن يفقدن عملهن ويصبحن اكثر عرضة للعنف المنزلي كما انه في حالات الهجرة المناخية عندما ينتقل الناس من منطقة متضررة بالتغيرات المناخية الى اخرى تتحمل النساء متاعب كثيرة مرتبطة بالادوار الاجتماعية المفروضة عليهن في رعاية اسرهن بالامكان التخفيف من تلك الادوار على النساء من خلال تمكين الفئات المهمشة اقتصاديا واجتماعيا وايجاد بيئة تشريعية منصفة للنساء واعادة هيكلة النظم الصحية حيث تصبح اكثر قدرة على الصمود امام الكوارث المتزايدة لتغير المناخ.