عمر البغدادي
توقع خبراء ارتفاع عدد العواصف الترابية التي تضرب العراق الى 300 عاصفة خلال السنوات المقبلة،مالم تكن هنالك حلول سريعة لتقليلها او منعها من الهبوب،في حين وصفوها بالـ”كابوس” الذي يهدد الحياة في العراق.
وقال المتنبئ الجوي صادق عطية ان التنبؤ بتشكل العواصف الترابية غالبا ما يعتبر من أعقد التنبؤات الجوية التي تواجه المتنبئ الجوي في العراق،خصوصا مع المعاناة من الاهمال الحكومي وضعف اجهزة الرصد ومحدودية الإمكانات المادية.
واضاف أن تكرار هبوب العواصف الترابية في هذا الموسم،ناتج عن شحة هطول الأمطار غرب البلاد مما جعل التربة السطحية جرداء،هشه وخالية من الغطاء النباتي،وهبوب الرياح الشمالية النشطة بعد مرور جبهة المنخفض مع فوارق حرارية تعمل على اثارة الغبار وتشكل موجات غبارية وتربة زاحفة تتجه نحو باقي المدن تبعا لحركة الرياح وسرعتها،مما يتسبب بمشكلة اخرى للمنبئ الجوي وهي امكانية التنبؤ بوقت اضمحلال العاصفة في مكان معين،وهذا يعتمد على خبرته في مثل هذا النوع من التنبؤات.
وتابع عطية يكاد يبدو من المستحيل السيطرة أو التقليل من تكرار حدوث العواصف لأنها تتشكل في مساحات واسعة وليست قليلة وبالتالي الوضع القادم لايبشر بالخير وربما نتعرض للمزيد من العواصف سواء في موسم الربيع الحالي او خلال فصل الصيف المقبل.
ويعد تغير المناخ عاملاً رئيسياً في زيادة وتيرة موجات الغبار،فبحسب الإحصائيات التي سجلتها الهيئة العامة للأرصاد الجوية،فقد ارتفع عدد الأيام التي يكون فيها الجو مغبرا من 243 يومًا إلى 272 يومًا سنويًا خلال العقدين الماضيين بعد ان كانت 15 يوماً فقط،ومن المتوقع أن تصل إلى 300 يوم سنويًا في عام 2050.
وتعرف العواصف الترابية بانها ظاهرة وجود كميات كبيرة من الغبار في سماء منطقة معينة بفعل تأثير الرياح،وتحدث هذه الظاهرة بشكل عام في المناطق الجافة اذ تقوم الرياح بسحب كميات كبيرة من التربة المفككة خلال مرورها على تلك الاراضي وبالذات التي تفتقر الى غطاء نباتي.
وعد مركز بحوث البيئة في جامعة الموصل العواصف الترابية احدى الكوارث الطبيعية التي لها تاثير على النشاط البشري بكل انواعه،وذات تاثير سلبي على البيئة وهذا ينعكس على الانسان وصحته بشكل خاص حيث تحمل ذرات الغبار جزيئات ملوثة كالمعادن الثقيلة وبعض المبيدات اضافة الى ذرات الغبار الدقيقة التي تجعل من الهواء غير صحي للاستنشاق البشري وقد يصل تأثيره السلبي إلى حد الاختناق،ولا تسلم النباتات من التأثيرات السلبية لهذه العواصف مما يؤدي الى جفافها من ناحية وتساقط الازهار من ناحية اخرى خصوصا اذا حصلت في موسم الربيع،هذا بالاضافة الى التأثيرات غير المباشرة من حيث حجب الرؤية في مسار وطرق السيارات والقطارات مما يزيد احتمالية حدوث حوادث السيارات.
وبين بان العديد من الدراسات اشارت الى طرق الحد من العواصف الترابية وتمحورت بزيادة المساحات الخضراء وانشاء الحزام الاخضر حول المدن،وتثبيت الكثبان الرملية في المناطق الجافة والصحراوية،والاهتمام بالواحات والبحيرات في المناطق الصحراوية وجعلها موردا مائيا لزيادة المساحات الخضراء وتثبيت التربة،والاهتمام بالدراسات الخاصة التي تعالج موضوع التصحر كمشكلة محلية واقليمية.
اما عميدة كلية البيئة وتقاناتها في جامعة الموصل الدكتورة يسرى مجيد الشاكر فقد رجحت بأن مصدر تلك العواصف الترابية هي الصحراء الكبرى وتسمى بالـ”ألسموم”.
واضافت بأنها كانت قليلة في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي،نتيجة اتساع المساحات المزروعة في القرى والارياف والبساتين والمزارع التي كانت اكثر من المساحات المأهولة بالسكان،على العكس ماموجود حاليا من اختفاء للحزام الاخضر وتجريف الاراضي الزراعية والبساتين وتحويلها الى اراض سكنية،واقتلاع الاشجار الكبيرة التي كانت مصدات للعواصف الترابية واستخدامها للاغراض المنزلية.
وبينت بان الكلية اجرت العديد من الدراسات والابحاث عن طريق اساتذة وتدريسيين وطلبة الدراسات العليا عن كيفية التقليل من هذه الرياح والعواصف الرملية والترابية بتشجيع زراعة الاشجار داخل المدن وخارجها والقيام يحملات تشجير وتقليل الاحتباس والانبعاثات الحرارية من المصانع وعزلها في مناطق تقع خارج التخطيط الحضري للمدن السكنية،ومحاربة التجمعات العشوائية.
وتوقعت الشاكر بأن تلك العواصف مرشحة للتزايد خلال السنوات المقبلة ليكون العراق في دوامة منها اذا استمر غياب الحلول الحكومية.
ونبهت الى الامراض التي تتركها هذه العواصف والتي تصيب الجهاز التنفسي والعيون نظراً لكبر حجم حبات الرمل والتي تحمل الفيروسات لنمو الامراض المعدية وتؤدي الى سد القصبات الهوائية والمجاري التنفسية والتأكل بجدار الرئة،مما يتسبب بالاختناق للمصابين بامراض الربو والاختناق للاشخاص من كبار السن،فضلا عن الاضرار التي تصيب النباتات والتربة لجعلها غير صالحة للزراعة.
اما عميد المعهد الاميركي للدراسات البايولوجية والهندسية وابحاث النانو تكنولوجي الدكتور حيدر معتز محي فقد اكد اختفاء المصدات النباتية وتشجير لبعض المناطق التي تكون مصدراً لانبعاث هذه العواصف.
واضاف محيي ان ماحصل في محيط العراق وداخله هو تجريف للغطاء النباتي بشكل كامل مما ادى الى اندفاع هذه الانبعاثات العواصف الرملية بسرع كبيرة جدا،مبيناً الحاجة
الى خطط وبسيطة لانشاء مصدات نباتية لايقاف السرع وخفضها اسفل الارض.
وتابع ان انخفاض مستوى الامطار في المواسم الاخيرة ادى الى تزايد العواصف الترابية في هذه المواسم من السنة،اذ كلما ازدادت الامطار خفت درجة ونسبة هبوب العواصف.
وشكك عميد المعهد ان الارقام التي تذكر حول عدد العواصف التي يمكن ان تهب على العراق خلال السنوات القادمة مبالغ به جدا،الا اننا في الوقت نفسه يجب ان نعالج انبعاث هذه العواصف خلال هذه الفترة.