منوعات

من الذاكرة الكربلائية ..المشهد السابع والثلاثون. ( رحلة إلى الجنوب)

 حسين أحمد الإمارة 

في آخر يوم من أيام الفصل الدراسي الأول في كلية التربية الرياضية ، جلسنا نتوادع على أمل اللقاء بعد أسبوعين من العطلة الشتوية المقررة للطلبة في جميع المؤسسات التعليمية والجامعات كافة.

أقترح عزيزنا رزاق وهو من مدينة السماوة، أن أقوم بزيارته ومن ثم الذهاب إلى البصرة للقاء صديقنا البصراوي عبد الإله ،لقضاء بضعة أيام للراحة والاستجمام.

وافقت على أن أخبره قبل يوم القدوم في حال خلو هذه الفترة من التزام رياضي أو غيره.

بعد ثلاثة أيام إتصلت به عن طريق الهاتف الارضي..
..ألو رزاق..
.أهلا حسين، ها شقررت، راح تجي .
.. نعم غداً إن شاء الله ..
.طيب انا أنتظرك في النادي .

تناولت افطاري وحملت حقيبتي الصغيرة متوجها إلى كراج الحلة لعدم وجود خط مباشر من كربلاء إلى السماوة آنذاك.

وصلت المدينة قبل الظهيرة، سألت أحد الشباب عن موقع نادي السماوة ،تقدم متفضلا بإيصالي .

ترحيب كبير من الأصدقاء المتواجدين في ذات المكان، بعدها توجهنا إلى دارهم العامرة للاستراحة وتناول طعام الغداء.

عصرا خرجنا في جولة قصيرة في السوق القديم ( المسكف ) ،
مررنا على محل والده المرحوم الحاج عبد الحسين العلي، استقبلنا بابتسامة وترحيب أبوي ،مستفسرا عن حالنا.

بعد إنقضاء الجولة داخل السوق توجهنا إلى نادي( بهو البلدية) الاجتماعي المطل على الشط في الصوب الصغير مرور على جسر السماوة ،لتناول العشاء وقضاء الوقت مع مجموعة خيرة من شباب المدينة.

البعض من الشعراء الشباب بدأ بإلقاء أبيات من الشعر الشعبي (الدارمي والابوذية)،بصوت مسموع من الكل، في أمسية اشترك فيها الجميع، مناظرات رائعة لم أسمع مثلها من قبل. كيف لا وهي المدينة التي أنجبت شعراء من المستوى الرفيع أمثال الرائع ناظم السماوي ..

ثلاثة أيام بكل تفاصيلها قضيتها مع مجموعة طيبة أبدت كرمها بتوجيه دعوات الاستضافة.
هذا يوجه الدعوة لطعام الغداء وآخر لوجبة العشاء. وهي صفة اتصف به أهلنا الطيبين من أبناء السماوة الكرام، وهو ما انعكس على رقي حُسن الاستقبال والضيافة بكل تفاصيلها.. أفتخر بهم جميعا.

في اليوم الثالث إتصلت بمضيفنا البصري عبد الإله.
أخبرته بموعد الوصول بعد أن اكملنا حجز مقاعد السفر في القطار المسائي. ودعنا أصدقائنا السماوية عند المحطة..

وبين نقاش عن موضوع واستذكار موقف وغفوة قليلة، وصلنا محطة قطار المعقل.

واقفاً على رصيف المحطة، ملوحاً بيده ومرحباً ،تقدم عبودي لإلقاء التحية..
ها شو تأخرتوا..
أجابه رزاق…شنو قابل عدنه سيارة ونسوق بيها أسرع..
قهقهة من الجميع..

بعد أن تناولنا الإفطار في دارهم العامرة الكائنة في منطقة الجنينة، أخذنا إستراحة ،بعدها ذهبنا لقضاء جولة حرة في المدينة..

سوق حنون وساحة أم البروم التي أطلق عليها الإنكليز ساحة (فكتوريا) عند دخولهم للبصرة.
وشارع الوطني والاصمعي والعشار والكورنيش وشط العرب الازلي الذي تطوف عليه سفن الخير.

في اليوم التالي نُظمت لنا سفرة إلى مدينة الفاو للقاء أحد الأصدقاء من العاملين في موانئ البصرة وهو ربان لسفينة عراقية يجوب بها عباب البحر. أقترح اصطحبنا بجولة صغيرة في مياه الفاو على ظهر مركب صغير للنزهة.
بعد ان اكملنا جولتنا البحرية عدنا لتناول وجبة الغداء من سمك الزبيدي اللذيذ.

عصرا اودعناهم مغادرين الى وجهتنا لقضاء سهرة جميلة في نادي الضباط.

ثلاثة أيام إنتهت على عجل.

في صباح اليوم الاخير حزمنا الحقائب وعدنا كلٌ الى مدينته بعد حجز تذاكر العودة.

الحمد لله والشكر علاقة أخوية نظيفة خالية من المصالح صاحبت طيلة فترة الدراسة ولا زالت عامرة.

أسأل الله أن يمن على الجميع بوافر الصحة والعافية وطول العمر إنه سميع مجيب.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى