مقالات

من الذاكرة الكربلائية ..المشهد الثامن عشر..الثريا

 

حسين أحمد الإمارة

 

تكفل المرحوم الحاج حمودي الخفاجي بتنظيم سفرات إلى المدن التي تحتضن في ثراها مراقد الأئمة والأولياء، وكان للنجف نصيب منها.

تجمع أهل المحلة الذين المسجلة أسمائهم بحجز مكان في السفرة.

عند موقف الحافلة المقابل لسكلة المرحوم الحاج محسن الاسدي،
في باب السلالمة.
وبعد أن رزمت الحقائب على سطح الحافلة، صعد الجميع وانطلقنا متجهين إلى مدينة النجف الاشرف. (حينها كانت قضاء تابع للواء كربلاء).

توقفت الحافلة عند الحاجز في منطقة الحي الحسيني (مكان مجسر الزهراء الحالي ) في إنتظار مرور قطار بغداد القادم من المسيب للتوقف عند المحطة الرئيسية الواقعة مقابل متنزه كربلاء( محطة الوقود الحالية ).

بعد رفع الحاجز ،عبرنا السكة سائرين على طريق ترابي.
صحراء قاحلة على الجهة اليمنى من الطريق، يختلف عما هو عليه عند الجهة اليسرى منه، حيث البساتين وكثرة النخيل فيها.

وقت قصير مضى حتى بدى لنا حصن مربع الشكل وسط الرمال يطلق عليه إسم خان الربع (النخيلة ) ويعتبر من أقدم الخانات التي بنيت في العهد العثماني .

أتربة تتطاير على جانبي الحافلة ارتجاج للراكبين بسبب رداءة الطريق حتى وصلنا الى خان النص أو (خان الحماد.) يقع عند( قضاء الحيدرية )،نزل الجميع لتناول وجبة خفيفة من خبز العرب مع كاسة الروبة المصنوعة من الفخار وقدح اللوبية مع الشاي المعد على الفحم. عند مقهى صغيرة، سقفه من جدوع النخيل ومغطى بالحصران.

استراحة قصيرة صعد الجميع وانطلقت الحافلة الى وجهتها النجف. في الطريق وعلى الجهة الشرقية للطريق لاح لنا حصن أقل حجما من الأول يطلق عليه خان المصلى..

ساعة من الزمن حتى لاحت قبة ذهبية ومنارتان شامختان تهدي الزائرين إلى موضع ضريح إمام المتقين وقائد الغر المحجلين ويعسوب الدين أبا الحسن، سلام الله عليه .
تعالت الأصوات بالصلاة على محمد وآله. قبور على مد البصر، قرأ الجميع سورة الفاتحة لمن غادرونا..

توقفت الحافلة قرب الصحن العلوي وتوجه الجميع للزيارة.
وقت قصير ورفع آذان الظهر.
بعد الانتهاء من إقامة الصلاة والزيارة. خرج الجميع وانتشر في اسواق المدينة للتسوق وتناول الغداء.

اصطحبتنا والدتي( رحمها الله )إلى دار عائلة نجفية كانت قد استأجرت الدار العادة لنا بجانب دارنا الذي نسكنه في كربلاء، بسبب عمله الوظيفي الذي نقل اليه قبل العودة إلى داره في النجف.

طرق ملتوية ضيقه كما هو في مدينتنا.
وصلنا للمظيفين وكانوا في انتظارنا، نزلنا إلى سرداب من طابقين. النجف اشتهرت بسراديب متعددة إثنان أو أكثر. أما في كربلاء فلا يمكن عمل اكثر من سرداب واحد بسبب المياه الجوفية.

تناولنا الغداء وتبادل الحديث،
اودعناهم وتشكرنا منهم لحسن الضيافة والكرم. شيعتنا صاحبة الدار الى باب الصحن ،ودعتنا على أمل اللقاء في المرة القادمة.

ذهبت والدتي لشراء الحلويات،
الحلقوم المعبأ في علبة من الخشب، وعلبة المستكي وحلاوة الدهين .
بعد أن حضر الجميع توجهنا إلى الكوفة.

استأجر الحملدار فندق للسكن ملاصقا للمسجد. كل عائلة حجزت مكانا لها ثم توجهنا لزيارة الشهيد مسلم بن عقيل وهاني بن عروة.

جلسنا بالقرب من البئر الواقعة وسط ساحة المسجد،في انتظار صلاة المغرب.
بعد الانتهاء من إقامة الصلاة ،خرجنا لأخذ جولة في السوق مع تناول العشاء.
إحدى النساء بدأت تنادي الشباب بالبحث عن ابنتها المفقودة ،ولكن أحد السادة نادى على المرأة..(تعالي بويه هاي بتكم يمي لتخافين )،

على سطح الفندق أسِرة النوم أعدت لمن يرغب النوم عليها .

وقفت على أحد الأسرة لالقي النظر على باحة المسجد وبيوت المدينة والبساتين المحيطة بها.
أصبح الصباح، تناولنا الإفطار وتوجهنا إلى مسجد السهلة المكتض بالزائرين.
قراءة الزيارة والأدعية حتى حان موعد صلاة الظهر. بعد الإنتهاء منها توجهنا للحافلة لغرض العودة للديار..

معنى إسم الكوفة:
هي كل رملة وحصباء مختلطين فهو كوفة، وكان يطلق عليها إسم (سورستان) في السابق .

في عهد عمر بن الخطاب اختطت الكوفة على يد سعد بن أبي وقاص، فأنزل القبائل من اهل اليمن ونزار، بعد ان خطت المنازل عليها وبني مسجدها ودار الإمارة ،وكان ذلك في سنة سبع عشرة للهجرة.
وقد توالت قبائل العرب بالتوافد للسكن فيها، إضافة للاعاجم من أهل خراسان وغيرهم من الجند حتى أصبحت مركز للحكم الإسلامي زمن خلافة الإمام علي عليه السلام.

رحم الله من غادر الدنيا وحفظ الباقين بحفظه وعنايته.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى