مقالات

من الذاكرة الكربلائية/المشهد الثالث والخمسون

 

حسين أحمد الإمارة

بسم الله الرحمن الرحيم.
وَقَالَ يابَنِيَّ لا تَدخُلوُ مِن بَابٍ واحِدٍ وَادخلُوُا من أَبْوَابٍ مُتَفَرقةٍ وَما أغُنْي عَنْكُمْ من الله من شيء إن الحُكمُ إلاَّ لله عَليهِ توكَلتُ وعَلَيه فليتوَكَل المُتوَكِلوُنَ .(يوسف الآية ٦٧).

هكذا خاطب يعقوب عليه السلام. أبناؤه عندما أرسلهم إلى مصر .

لقد كان يخاف عليهم أن يراهم الناس فيصيبهم عين ما قيل ،أو يُحْسَدونْ أو يُخاف منهم فينالهم ما يتفرق به جمعهم من قتل أو نازلة أخرى.
القرآن يهدينا إلى الصواب وهذا بلاغ للناس بأخذ الحيطة والحذر مما تخفيه الأيام في الحل والترحال.
فلا أمان في العراق .

( عَليٌ وعُمَر )

إتفق الإخوة صباح يوم بارد الذهاب إلى الباب الشرقي لغرض شراء ما يقيهم من برد الشتاء، فالأيام القادمة تنذر بموجة برد تعم البلاد. توقفا عند بائع الملابس لينتقيا منه ما يناسبهما .

عمر..
اكلك علي هاي القمصلة حلوة، شو آني هواي عجبتني.
علي..
مبتسماً طبعا حلوة ليش أكو مثل ذوقك الجميل، ديله بدربك شوفلي وحدة على رغبتك فقد مسني البرد.

عمر ..
كم سعرها أخي..
البائع..
بسيطة دشوفها تصير على مقاسك، والسعر لتفكر بي.

دوي إنفجار بالقرب منهم ..

عمر بصوت عالي..
علي..علي..علي.
يا ناس شوفولي علي وين صار.
نداء لن يطول فقد لحق بأخيه يشكو ظُلمه للواحد القهار بعد أن كان البرد قد أثر فيه، سقط مضرجاً بدمه وقد فارق الحياة وتركا أمٌ ثَكَّلى قد جف الدمع في مآقيها وأبٌ يدور بين المعزين مكسور الظهر معقود اللسان من هول الكارثة التي ألمت بهم.

دماء زكية تهراق على أرض العراق ولا من مجيب.

 

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى