مقالات

دكان الأخلاق لبيع الشجاعة والنفاق.

سعد رزاق الأعرجي

يقول أحدهم، تمشيت مرة على ضفاف دجلة اتأمل بيوتها القديمة وما جرى على بعضها من تعديلات بينما احتفظت الأخرى بطرازها القديم المميز،، وجدت خلال تجوالي دكانا صغيرا منزويا بين هذه البيوت لايثير الانتباه ويبدو في حالة رثة، كل محتوياته قديمة حتى صاحبه رجل سبعيني ذو شعر كث ولحية بيضاء، وهو منهمك بترتيب بعض الأغراض.
هذا الدكان كتب عليه عبارة ( تاجر اخلاق) جملة مفرد، دفعني الفضول لمعرفة مافيه فدخلت الباب لاجد عدة أكياس مكتوب عليها ( صدق، كذب، مروءة، شجاعة، نفاق). اشتريت ببعض ماعندي من النقود ( شجاعة) وطلبت قدحا من الماء فشربت الشجاعة وعدت إلى البيت فوجدت أم زوجتي التي تسكن معنا في البيت فلم استسيغ وجودها فطردتها في ذلك المساء فأنزعجت زوجتي من هذا التصرف الغريب فتخاصمنا وتعالت اصواتنا حتى وصلنا حد الطلاق فطلقتها وغادرت هي الأخرى، اعترض الاولاد وبكل دبلوماسية على مافعلت فلم يستطيعوا اقناعي بالرجوع عن قراري الذي يعتقدون انه متسرع وخاطىء، فغضبوا وتركوا البيت الذي أمسى خاليا فنمت وحدي فيه. وفي اليوم التالي صحوت متأخرا… ذهبت إلى عملي، لاجد المدير يبحث عني دون الآخرين وبألحاح، دخلت عليه واردت ان أقنعه بأنها المرة الأولى فرفض اسلوبي بالحديث وقال انه وقح وكيف لك ان تحدثني بهكذا لهجة هل انت ثمل؟ ارتفعت اصواتنا وتدخل بعض الزملاء لحل الأشكال، لكن المدير اتخذ قراره واوقفني عن العمل، فضربته وخرجت مطرودا، عدت إلى البيت بلا وظيفة ولا زوجة ولا اولاد، فماذا افعل؟ انتظرت حتى المساء وذهبت إلى ذلك الدكان العجيب وتأملت الأكياس فكان كيس الشجاعة على وشك النفاذ هزني الموقف كثيرا وقلت مع نفسي هذه كارثه فالمجتمع سينهار فلا بد من حل!!
اشتريت قليلا من النفاق فشربته مع جرعة ماء، ولم ينتهي مساء ذلك اليوم حتى عادت العائلة مجتمعة!! وفي الصباح توجهت الى محل عملي ولم يأخذ مني الموضوع سوى دقائق حتى عدت موظفا جيدا ومقربا.
قررت أن أذهب الى ذلك الدكان لاشتري كل أكياس النفاق فأخذتها الى اعلى الجسور ومن فوقه افرغته في النهر ليشرب الجميع ولاصلح ما افسدته،، لعله يكون علاجا للبعض..
( تمت صياغتها بتصرف عن مقال للكاتب يوسف السباعي).

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى