مقالات

تلوث سمعي يدمر رئة الفن

 

جليل عامر / وكالة الرأي العام

نرتاد المعالم والمرابع الثقافية العتيقة فعند التجول في هذهِ المراتع نعيش ونستمتع بأحساس فائق الأبهار بما طل على مسامعنا في كتب التاريخ ، كنا ننتظر بقلوب ملهوفة على رؤية صرحنا الثقافي الذي ظل شامخًا رغم انكسارته ، فكان نهاية صبرهُ هو أن ينال مرادهُ ويضمد جراحه ليعود بأطلالة كانت كفيلة برجوعه الى ذروة ربيعهُ ألا وهو افتتاح شارع المتنبي في عيد رأس السنة لعام 2022 بعد أعادة أعماره ، فبعدما كان هذا الشارع موحش في الليل أصبح ليلهُ ملاذ آمن لكل الفنانيين والمثقفين ليلاً ونهاراً ، عند التنقل بين أروقة هذا المكان تشعر وكأنك في سوق عكاظ كيف يتبادل الشعراء قصائدهم ويعزف اللحن العراقي مواله الذي أصبح هوية الفن للعراقيين ، تُصدح أجود الحناجر التي تنقل الفن الأصيل كما يشاء ويرغب سميعة الطرب والذائقة التي أصبحت نادرة ، والتمسك الشديد من قبل تلك الفنانين الذين ألتزمو بقواعد الغناء التراثي والفلكلور الذي يمثل العادات والتقاليد التي كانت تسود على المجتمع أمثال العم والأستاذ الفنان رضا البياتي الذي أشعل ساحة القشلة بحباله الصوتية المتناغمة التي عزفت أنسب وأوسم الأغاني من باب اللياقة بالأغنية العراقية رضا الذي ضج وشاع مؤخراً وأصبح الأكثر رواجاً في مواقع التواصل الأجتماعي وهذا أقل مما يستحق أن يكون تريند لدى الحسناوات وهو يغرد في ساحة القشلة ( ألمن هالحسن يابنية ألمن ، شفايف تبتسم وخدود يضون ) لم يكن رضا صاحب الأغنية الأصلي لكن ألتصقت به الأغنية وشاعت بصوته وطرحت بأروع صورة للجيل الحالي ، لا نجد شيء يفرحنا في مجال الثقافة طوال السنين التي مرت على بلدنا إلا هذا الأنجاز الذي أبرز لنا من يود الحفاظ على تلك الأصالة والفلكلور من الفنانين ليظهرو بصورة أنيقة أكثر بعد الترميم والحداثة لتلك الشارع مراعين الجوانب الفنية والحضارية والحفاظ عليها من الأندثار ، بينما أخرين أقدمو للمجيء بعد أعادة تأهيل شارع المتنبي لنشر الفن الهابط لا نعرف الغرض من هذا هو الأنتشار ام أغراض أخرى ، فمن المؤسف ما حدث في تلك الشارع العريق الذي قلب الطاولة الثقافية على عقب وحدث مالم يعقل ولم يتوقع حدوثه ألا وهو أقامة حفلة في وسط شارع المتنبي تظهر بها من المخجل ان نقول مغنية فما طرح لا يمكن ان يسمى غناء في مقطع فيديو أنتشر على مواقع التواصل الأجتماعي ترقد فيه الثقافة في زواية خجولة مما يطرح من كلام بذيء لا مكان لقذفهُ ألا في النوادي الليلية فمثل هكذا نوع من التخبط الفني لا يمكن ألقائه ألا على مسامع المخمور حينما يبدأ بفقدان وعيهُ ، فهل يمكن أنتشار تلوث سمعي أوجع الكثير وهو يؤلم رئة بغداد المكان الذي يمثل الثقافة بشتى أنواعها علق الكثير من الناس وسجلو أعتراضهم الشديد ونقدهم اللاذع ومن بينهم فنانيين ذلك الشارع مطالبين من الجهات المسؤولة محاسبة من قام بهذا الفعل ومن سمح لأولئك الدخلاء القيام بتلك الفعالية الهزيلة التي لا تليق بعراقة وأصالة تلك الشارع وعبر منهم قائلين ” لا تسمحو لأولئك الدخلاء بالأنتشار في هذا ألمتنفس الثقافي الوحيد لنا ” وعن لسان الآخرين عند المقارنة بالفن الذي يطرح من قبل فنانيين وشعراء وكتاب وأدباء أزاء الأسفاف الذي تفشى مؤخراً نجد شتان مابين الأثنان ، في زمن ما كان من المعروف لكل قاعدة شواذ لكن لا نعرف أذا أصبح في هذا العصر لتلك الشواذ قاعدة في هذهِ الأماكن ، والى أين يريدون الوصول فلم يكفيهم الأساءة للأغنية العراقية وتغير مسار أغلب الذائقة التي توجهت لتلك الأغاني الهابطة فهل المراد جعل هذا الصرح الثقافي يغبر بتلك الأتربة الفنية ، أن كان هذا المراد فأن أضعف الأيمان كتابة وأقلامنا لا تعجز عن المخاطبة من الجهات المعنية أن تمنع وتحد من أنتشار تلك الأوبئة في شارع المتنبي .

 

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى