منوعات

الذاكرة الكربلائية ..المشهد الرابع والثلاثون. ( ضوء الثلاجة )

 حسين أحمد الإمارة

دُق بابنا عصراً …منو ؟؟
آني كاظم الحمال، افتحوا الباب بويه جبتلكم الثلاجة..

فتحتها وكنت لم أزل مرتديا ملابسي المدرسية فقد عدت للتو من الدوام العصري.

سوي درب بويه..
يا الله، يا الله ..
حملها مع مساعد له.
وضعها على جانب من باحة الدار.
تقدم ورفع عنها غلافها الكارتوني . بيضاء اللون، جميلة الشكل ،وضع فوقها علبة كارتون صغيرة الحجم.

فتحت بابها وشممت منها عطر مميز لم يغب عن الذاكرة، على ما أعتقد هي رائحة البلاستيك الذي صنع منها دواخل الثلاجة.

تجمهرنا حولها…
هذا يلمسها وذاك يفتحها وآخر يتفحصها عن قرب.

شو وخروا ماما..
تقدمت والدتي بيدها بيضة عرب لطمتها على أسفل الباب (فجران دم ) .

بعد آذان المغرب عاد والدي من المحل.
ها بويه الثلاجة حلوة.. ؟؟
الجميع أي والله عاشت ايدك.
خل أبدل ملابسي وأجي اشغلها.

تم إختيار مكانا لها بجانب مجموعة الكهرباء عند ركن الحوش.
بعد أن أكمل ربطها بالكهرباء تم تشغيلها…
بدأنا بطرح الأسئلة.
بويه شسمها الثلاجة..
إسمها جنرال الكتريك، أمريكية.
زين هذا شنو عليها ..هذا جهاز ينظم الكهرباء.
اسمعوا لتضلون تسألون بعد ولحد يفتحها، خل يداور بيها الغاز .

فتحها والدي للتأكد من عملها، صوت مميز عندما غلق الباب ففيه ذراع يلتقم الحاضن الداخلي.

جلسنا لتناول العشاء..
بدأ الجميع بإبداء رأيه في التخلص من ثلاجة الخشب..
اليست هي من خدمتنا ؟ ووفرت لنا الماء البارد ؟ وحافظت على بقية الطعام والفاكهة بكل جدارة ؟

هذا هو الواقع. يجب أن تخرج من الخدمة فالعلم يتطور ولم يعد لها مكان..

حجية أكو عائلة كاعدين بالكواخة في بستان سيد سعيد الشروفي ،إذا اجه أبوهم خل يأخذ ثلاجة الخشب.
..زين حجي إن شاء الله..

أكملتُ واجباتي المدرسية والثلاجة لم تغادر مخيلتي.
بعد أن نام الجميع خرجت لألقي نظرة عليها قبل أن اخلد للنوم.
فتحتها ونظرت إلى داخلها بتمعن ،التْفتُ للخلف لأرى خيالي قد امتد إلى آخر الباحة.
عند غلق الباب اقتربت أكثر لمشاهدة المصباح هل يطفأ أم لا.

تمر الأيام وقد اعتدنا على استعمالها، استمتعنا بشرب الماء المثلج بواسطة( قواطي حليب الكيكوز ) ففيها يتجمد الماء سريعا، ولا بأس أن يوزع على الجيران عند حلول المساء.

واحدة من جاراتنا جلبت (فخذ لحم) لُفَ بكيس ورقي لغرض تجميده ليوم آخر.

خلال فترة الحكم الملكي والجمهوري لغاية عام 1969. لم تكن للدولة يد في إستيراد وتوزيع البضائع الأجنبية، وإنما اقتصرت على التجار العراقيين الذين تولو القيام بهذه المهمة وفق نظام السوق الحرة الذي انتهجته الدولة العراقية آنذاك.
فقد كانت البضاعة تستورد من مناشئ رصينة. (أمريكة-انكليزية – ايطالية – ألمانية- يابانية ). وكان التنافس على أشده بين التجار ( المخلصين لوطنهم ) بإختيار أرقى وأفضل البضائع على اختلاف أنواعها.

بعد استلام حزب البعث للسلطة في عام 1968.تغير النظام من السوق الحرة إلى النظام الإشتراكي. الذي نص على أن تتبنى الدولة سياسة إستيراد وتصدير البضائع المختلفة. فاتجهت إلى بلدان المعسكر الشرقي، (روسيا واخواتها ) مع بقاء بعض الدول الاوربية والآسيوية في التعامل معها.
تعهدت دائرة السيطرة النوعية في الإشراف على نوعية البضاعة المستوردة وجودتها ،وكانت مخلصة في عملها ومراقبتها للبضائع الواردة للبلاد.

وعليه فقد أعطت وزارة التجارة وكالات بيع التجزءة للمواطنين وحسب احتياج المدينة. وكانت تسمى محلات ( الافريقية ).وأخرى الاجهزة الدقيقة وغيرها من منافذ البيع.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى