مقالات

البوح الاجرد.. فزعة للملتقي

 

رياض العبيدي

الشعراء بما يملكون من مقدرة على ترجمة الأحاسيس والمشاعر يكون لهم في بعض الأحيان دور في معاونة من عجز عن ترجمة إحساس، سواء من باب الطرفة أو من باب الحرص على النفع والفزعة مع الآخرين والدفاع عنهم وتبني قضاياهم فيقومون به. وفي نص الشاعر العراقي اسماعيل حقي بعنوان (البوح الاجرد) والذي بعثه لي اسعدني به وأعدت قرائته لأكثر من مرة وجدت كما في الكثير من نصوصه الشعرية الوجدانية انه شاعر مسكون بهموم عديدة ومختلفة، قصائد حقي تسربات بشفيف البوح وصدق المشاعر، وعمق الوعي بقضايا الإنسان، تزفها للمتلقي جزالة الكلمة، وقوة العبارة وتدفق المعاني، لايملك ناصيتها الا الراسخون في الشعر.
وجدت في (البوح الأجرد) فزعة لاحاسيسي ومن على شاكلتي لعلنا جميعا نجد الراحة في البوح، ولكن حتى البوح لايخلو من الألم.
ايها المستحضر للماضي مزق.. مزق.. مزق.،
مزق فأنا بحاجة لذاكرتي وكل مافيها من وجع
“البوح الأجرد”
رغمَ أن ّ الصّمتَ في صمتي صدى
رغمَ ما أسرفتُ من عمري سُدى
لم أزلْ يا ظَالمي رغمَ الضَّنى
في مدى عينيك استقصي المّدى
قد يضيقُ الخوفُ بي مستنفراً
أو يلوذ ُالموتُ بي مستنجدا
بيد أنّي سوف أبقى دائماً
من لظى خدّيكِ أستجدي النَّدى
يالصمتي كم أراني جازعاً
ويراني النَّاسُ بوحاً أجردا
يا لهذا القلبِ كم حيرتُهُ
وهو يدري ماسيجنيهُ غدا
لو تقصيتُ نجومي كلَّها
أو غرستُ الرِّيحَ في صدري مُدى
أنا أدري أنَّ باباً موصَدا
سيؤولُ الدَّربُ منه المبتدى
كم زرعتُ الوهمَ في أرضي ولم
أجن ِ غيرَ الرِّيحِ منها والصَّدى
كم ربيعٍ ممرع ٍ مر ّ سدى
ذابَ صبري فيه حتّى استنفدا
كم ليالٍ مسغباتٍ عدنني
أوقدُ السّلوى وأخبي الموقِدا
كم منىً يا للمواعيدِ التي
لم أزلْ اقتاتُ منها الموعدا
كم تخاصمتُ معي كم خانني
جودُ صحبي كم تمنيتُ الرَّدى
لم أزلْ بيني وبيني حائراً
كيف أرضي بي سوى أوماعدا
آه لو أسطيعُ أن أختارني
من نقيضي ّ وأن أستوحدا
أيُّ وجه ٍ خلف وجهي كان لي
من تُراني فيه قد كنتُ الفدا
لستُ إلا ما أراني موغِلاً
في ظنوني كلُّ من حولي عِدا
كلُّ ما يعنيهِ منّي مفردي
صرت ُ لا أعنيهِ إلا مفردا

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى