تقارير وتحقيقات

زواج القاصرات في العراق … بداية خطيرة لهدم المجتمع

فارس الحسناوي

وسط فرحة كبيرة واهازيج الاحبة والصديقات دخلت فرح ذات الـ14 ربيعًا القفص الذهبي وتحدثت للراي العام العراقي عن تجربتها في الزواج المبكر

 “لا أعرف شيئا عن الزواج سوى أن العروس ترتدي البدلة الخاصة بهذه المناسبة وتتزين وتذهب إلى بيت زوجها وكان شعوري يغمره الارتباك والترقب لما ينتظرني في حياتي الجديدة .

 وتقول فرح اجبرت على الزواج رغما عني، لرغبة أهلي بالزواج من ابن عمي والذي يبلغ من العمر 18 عاما، منذ بداية زواجنا وكانت علاقتنا غير جيدة بسبب تعامله السيئ معي فشكوت لآهلي لأكثر من مرة وتدخلوا في الموضوع ولكن دون جدوى واستمرت المعاناة لعام كامل.. 

بينما خاضت زهراء ذات ال (30 عاما) الزواج في عمر مبكر وهي لم تكمل ال(16) عاما ، وتحدثت لوكالتنا قائلة إن العمر ما بين 12 إلى 20 سنة تعده الفتاة عمر الأحلام، أو ما يمكن ان نطلق عليه غياب عن الوعي والتوغل في العاطفة اكثر من اللازم .

وقالت زهراء أن “الزواج كنت اتوقعه عبارة عن بداية لحياة سعيدة الا انه عكس ذلك تماما فكثير من القاصرات “على الصعيد الجسدي يتعرضن لنزيف حاد أثناء الولادة، مما يؤدي إلى الوفاة، وبعضهن ممن يتعرضن للاجهاض المبكر نتيجة عدم اكتمال البنية الجسدية وهذا ماحدث لي في بداية زواجي والى يومنا هذا وانا اعاني من بعض الامراض بسبب زواجي المبكر.

 

وهناك العديد من الحالات لفتيات قاصرات تزوجن، ولم يتحملن العلاقات الحميمة لينقلن بعد ذلك إلى المستشفى، ومن بين هذه الحالات، تقول لنا إحدى الممرضات التي رفضت الإفصاح عن اسمها  أن فتاة تبلغ من العمر 16 سنة، تم نقلها مباشرة بعد ليلة الدخلة إلى المستشفى بعدما تمزق مهبلها وأصيبت بما يسمى بالناسور المهبلي، والذي يصيب غالبا المرأة بسبب العنف الجنسي.

 

وتضيف الممرضة أن هناك عدة حالات أخرى لفتيات قاصرات تعرضن لمثل هذه الحوادث، وتختلف مشاكلهن، منهن من احضرن للمستشفى وهن يعانن من حالة نزيف وتمزق، بسبب رغبة الزوج الدخول بهن في الليلة الأولى، دون مراعاة سنهن وجسمهن الذي لا يتحمل، خصوصا أن أغلب القاصرات ليست مكتملات النمو.

 

الكثير من الحالات اليومية والمشاكل التي تمر علينا بسبب زواج القاصرات والذي جاوز حدوده وانتشر بشكل ملحوظ وكانت نتائجه وبالا على المجتمع واصاب الاسر تفككا خطيرا بسبب كثرة المشاكل الزوجية مثل الطلاق والاضرار الصحية والنفسية التي تلحق بالنساء وحتى الخيانة الزوجية فكان المجتمع الضحية لهذه العادات غير القانونية .

وعن النتائج التي سببتها هذه الظاهرة تقول الباحثة الاجتماعية 

 هيفاء نوري أن “حالات الطلاق وزيادتها لم تأت من فراغ، بل هناك أسباب عشائرية واجتماعية واقتصادية دفعت باتجاه زيادة تزويج القاصرات، حيث إنّ الحالة المعيشية الصعبة وزيادة البطالة لرب الأسرة تدفعه لتزويج بناته القاصرات مقابل مبالغ مالية معينة، وهذا أدى إلى التفكك الأسري وزيادة حالات الطلاق بشكل مبكر”.

وتضيف نوري، متحدثة (لـلراي العام العراقي )، أن النزعة العشائرية كانت السبب وراء هذه الزيادة، حيث إن بعض المدن العراقية شهدت ارتفاعا كبيرا في تزويج القاصرات من خلال ما يعرف بالهبات أو الفصل العشائري وبالتالي غياب الرقابة القضائية وعدم تدخلها أسفر عن زيادة ملحوظة بأعداد تزويج القاصرات”.

بدوره، يعتبر الخبير القانوني رائد الجبوري أن “الفقرة الأولى من قانون الأحوال الشخصية العراقي تحدّد الزواج بأهلية الطرفين والأهلية تشترط أن يكون عمر المتقدم للزواج 18عاماً وأكثر، وهناك استثناءات في حال تأكدت المحكمة من أن المتقدم للزواج بعمر 15 عاماً قادر جسدياً ونفسياً، فيمكن تسجيل زيجته رسمياً بموافقة الأب، أما شروط الزواج في المادة السابعة من قانون الأحوال الشخصية فهي تمام الأهلية والعقل والبلوغ والرضا بين الطرفين”.

 ويضع القانون عقوبات بحق من يزوّج من هم بعمر أقل من 15 عاماً خارج المحكمة، وهذه العقوبات تراوح بين الحبس لستة أشهر أو الغرامة المالية ومقدارها ما بين 200 الف ومليون دينار عراقي وهو ما يعتبره الجبوري غير كافٍ لردع العائلات عن تزويج أبنائها وبناتها قبل بلوغهم السن القانوني، كما أن حقوق الفتاة تضيع إذا تطلقت قبل بلوغها السن القانوني، حسب قوله.

 

وبعده كل هذه الاسباب التي طرحت من قبل الباحثة الاجتماعية والخبير القانوني 

اكملت لنا فرح تجربتها في الزواج المبكر قالت فبعد مضي عام من المعاناة و كثرة المشاكل التي حصلت بين الأسرتين و التي وضعتهما في خلافات كبيرة ووصلت المشادات الكلامية لحد التهديد والوعيد بين ابناء العم فقررت مع والدتي اني اتحمل المعاناة حتى لا اكون سببا في فقدان حياة احدهم فقلت لإخوتي الوضع تغير نحو الافضل وبدئت بالاستقرار ولا توجد مشاكل بيننا رغم ان الحقيقة غير ذلك تماما فتطور الوضع بالضرب والاهانة والاجبار على امور لا ارغب بها ليستمر الحال لستة اشهر بعد السنة فتغيرت حتى ملامح وجهي وبدء شاحبا وكل ساعة تمر علي اعتبرها بعام كامل ..

 

رجال الدين لهم الدور الابرز في زواج القاصرات وشرعيته حيث تحدث لنا الشيخ   

محمد الفتلاوي قائلا :

يتراوح العمر المسموح للفتاة بالزواج في المذاهب الإسلامية في ال9 اعوام فما فوق إن “الشرع باختلاف المذاهب الفقهية أقر بجواز زواج الفتاة قبل بلوغ الثامنة عشرة، والجواز هنا ليس فرضًا، ما يعني أن هذا الأمر مسموح ما لم يكن فيه ضرر ناتج عن حالة خاصة تتعلق بالبنية الجسمانية للفتاة والأهلية العقلية والفكرية”.

ويضيف الفتلاوي خلال حديثه لـوكالة الراي العام العراقي أن رجال الدين تقع على عاتقهم مسؤولية شرح المفاهيم الثانوية في الشرعية ضمن قاعدة لا ضرر ولا ضرار، خاصة تحريم إجبار البنت القاصرة على الزواج، وبطلان العقد في حالة الإجبار.

 

وبما انه غالبا ما تكون النسبة في زواج القاصرات بالأرياف اكثر مما في المدينة وذلك لتمسك المجتمع في الريف بالعادات والاعراف الاجتماعية والقبلية العشائرية قال احد شيوخ العشائر في قضاء الهندية الشيخ جميل الكرعاوي .

 

ان دور العشائر كبير جدا في المجتمع ونحن لا نخرج عن سياق ما حلله الدين الحنيف والشرع وما يقضي به رجال الدين نعم توجد حالات شاذة من قبل البعض في مخالفة الشرع والقانون في زواج القاصرات ولكن في مناطق الوسط تكون قليلة جدا ومرفوضة من باقي العشائر لما تسببه من مشاكل مستقبلية لدى الزوجين وكذلك الخلافات التي تحدث بين العوائل.

 

وختمت فرح تجربتها وتجرعها مرارة الزواج المبكر ان استمراري بالكذب على اهلي بان وضعي مستقر حيث تعرضت خلال هذه الفترة لأكثر من وعكة صحية خطيرة اتضح لأهلي ان المعاملة السيئة هي من وضعتني بهذا الوضع الصحي الحرج وخاصة بعد حملي بجنين ما ان بدئت المشاكل تزداد شيئا فشيا ليسقط حملي ويكون هو الضحية وبنفس الوقت كان الفرج الذي كتبه الله لي لانفصل عن زوجي وارجع الي بيت اهلي مصطحبة تجربة لربما لا تتحملها الكثير من الفتيات بعمري .

 

ولحل هذه الازمات والقضاء على هذه الظواهر التي فتكت بالمجتمع تحدث لنا القاضي منير الزاملي قائلًا

 هناك بعض الحلول والتي تقلص من هذه المعاناة أبرزها : 

التعليم 

سنّ قوانين تمنع زواج القاصرات تطبق اليوم قوانين في بعض الدول تناهض زواج القاصرات، لكنها لا تنفذ، مما يتطلب تكاتف مختلف مؤسسات ومراكز الدول المعنيّة في اتخاذ الإجراءات اللازمة وزيادة عدد المختصين والقانونيّين لمتابعة البرامج القائمة للحدّ من هذا الزواج، واستحداث قوانين جديدة تمنع بقوة زواج القاصرات يبدأ ذلك من تشجيع الأسرة للفتاة على متابعة تعليمها، إلى جانب قيام المؤسسات التعليمية بتثقيف الفتيات وتأهيلهن لنيل الشهادة الجامعية لرفع وعيها الفكري الذي يدعمها فيما بعد على الاختيار الناضج للزوج.

 

 البرامج توعوية 

يحتاج المجتمع لتغيير بعض عاداته وتقاليده المتوارثة والتي تلعب دور في التشجيع على زواج القاصرات، وذلك عن طريق رفع الوعي وفق برامج مجتمعية توعوية توضح مخاطر هذا الزواج على الفتاة وتفكك الأسر، ويتم بث هذه البرامج إما عن طريق مختلف مؤسسات الدولة سواء المدنية أو المراكز الدينية أو عن طريق بثها عبر وسائل الإعلام، إضافة لذكر تجارب سابقة أودت بحياة فتيات تزوجن بعمر مبكر، وتضررن بمعاناة كبيرة مع أسرهن.

 

 

تأمين الحياة الكريمة

 يتم ذلك عن طريق السعي المستمر في تمكين المرأة سواء في المجال التعليمي أو المهني، حتى يساعدها ذلك في إيجاد فرصة عمل تؤمن من خلالها جميع متطلباتها، عندها ستتأنى في اختيار الزوج المناسب لها حين تشعر أنه أصبحت ناضجة وبإمكانها اتخاذ القرار الصح، دون تأثرها بحاجتها لمن يؤمن لها متطلبات العيش الكريم . 

 

تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة

 إن تحقيق المساواة بين الجنسين من الممكن أن يكون حلًا لزواج القاصرات، وخاصة إذا تم تحقيقه في أماكن الدراسة والعمل، فالفتاة التي يساعدها مجتمعها على التعلم والعمل تكون قادرة على إعالة نفسها ولا تحتاج إلى الزواج المبكر .

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى